الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
فانظروا أيها المسلمون ما يقول ذلك الإمام المجدد والعبقري الفذ والمجتهد المطلق! الذي نفتق عنه القرن الرابع عشر الهجري وحلَّق في آفاق الاجتهاد حتى أنه ليشهد لنفسه بملء فمه أنه أهل لأن ينافس أبا حنيفة ومالكًا والشافعي وأحمد وسفيانًا وسائر الأئمة وأن تتمخض عبقريته عن آراء واكتشافات كان هؤلاء جميعًا في غفلة عنها بل مخطئين فيها ومن أعظم هذه الاكتشافات أن حجاب المرأة ليس من الإسلام!!قال أخزاه الله:متى نشأ في مجتمع معين وفي زمن محدود ما لا يمكن وصفه إلا بأنه ظاهرة متفشية تنطوي إلى حد ما على عنصر المفاجأة فلابد لنا من أن نلتمس التفسير أو بعضه على الأقل في أسباب خارج نطاق الموضوع محور الظاهرة فعودة الكثير من نسائنا- بمحض إرادتهن- لا نتيجة ضغط من آبائهن أو أزواجهن بل أحيانًا ضد رغبة آبائهن وأزواجهن ورغم استهجان السلطة في بلدهن يمكن أن نحدد لبدايتها تاريخًا لا يزيد على ستة عشر عامًا ثم انتشرت منذ ذلك الحين وفي هذه الحقبة القصيرة انتشار النار في الهشيم مثل هذا الانتشار المفاجئ لظاهرة ما إن كان يمكن تفسيره في بعض الأحيان بظهور نبي جديد أو قيام حكومة ثيوقراطية في بلد معين فليس بالوسع الاقتصار في تفسيره على الإشارة إلى رغبة عامة مفاجئة في التمسك بتعاليم الدين علمًا بأن القرآن كان دائمًا بين أيدينا وكانت تعاليم الدين دومًا في متناول الجميع فلم ظهر الأمر فجأة إذن؟ ولم اتخذ صورة الظاهرة المتفشية خلال سنوات قلائل؟ لا مفر إذن من تفسير هذا النوع الذي ذكرناه في بداية المقال وإن كره الكارهون وغضب الغاضبون. اهـ.ولعمر الحق لو كان هذا مخلصًا للإسلام محبًا لأهله لشغلته الفرحة والابتهاج بتوبة العاصيات وإنابتهن إلى ربهن عن البحث في أسباب الظاهرة التي إن بحث فيها المخلص إنما ليدعمها ويسعى في تمكينها وتدعيمها لا تهوينها والتنفير عنها كما يفعل الذين في قلوبهم مرض وحتى ندرك الفرق بين الفريقين نضرب المثال بقول أحد الدعاة المسلمين في تحليل نفس الظاهرة قال حفظه الله:على الداعية الإمساك بهذه الظاهرة- ظاهرة تدين الشباب واستمساكه بالإسلام- وجعلها باعثًا لتحقيق الآمال في النفوس فما الشباب إلا تجسيد لآمال المستقبل وتعبير عن استعادة الأمة لحيويتها بسواعد أبنائها على أن الطريق لن يكون مفروشًا بالورود فما ظهور الشباب المتدين إلا بمثابة مولود جديد خرج إلى الحياة بعد آلام المخاض التي عانت منها الأمة الإسلامية ما عانت فإذا لم يحظ بالعناية الكافية ربما حدثت ردة لا يعلم إلا الله مدى آثارها. اهـ. كلامه.ثم يستمر الكاتب- حسين أمين- في تحليل أسباب تمسك البعض بالحجاب فيقول:إن ظاهرة عودة نسائنا إلى الحجاب لا يمكن وصفها بأنها شأن عادي ولا القول بأن العائدات إليه- في مجموعهن- وكطائفة نساء عاديات ولا عجب في هذا أن نجد من بينهن الكثيرات من الفتيات والنسوة العاديات اللواتي خضعن لتأثير أو ضغط أو دفعهن إلى التحجب نزوع إلى تقليد أو اتجهن إلى التدين ثم سألهن من يعتقدن أنهم أفقه منهن في أمور الدين فاخترن ما ذكر لهن أنها ثياب إسلامية يأمر الشرع بها فالمهم هنا ليس أن المتحولة إلى هذا النوع من الثياب امرأة عادية إنما المهم هو نوعية ممارسي الضغط والتأثير في المناخ العام الذي جعل هذا الضغط وهذا التأثير شائعين. اهـ.وكأن الكاتب الحاقد يشير بكلمات مسمومة هدفها الواضح: أن هذه الثياب لا علاقة لها بالإسلام وإنما هناك ضغوط خفية مؤثرة يجب البحث عنها والقضاء عليها.ثم يؤكد في مقاله على القيم التي يرى من وجهة نظره أن تكون أساسًا لاختيار المرأة ثيابها فيعتبر جمال الوجه والقوام أساس اختيار الثوب أما اختيار الثوب طبقًا لأحكام الإسلام وأوامر القرآن فهذه عنده سلوك غير عادي ويجب محاربته يقول:ولو أن امرأة اختارت ارتداء الثوب الإسلامي على أساس أنه أجمل أو أنسب لوجهها وقوامها ولا شيء غير ذلك لكان سلوكها عاديًا ولما كان الأمر محل جدل ومثار مناقشات عنيفة وسبب احتكاك عائلي وشجارات وطلاق ومنع من دخول الجامعات إلى آخره غير أن الواقع أن تبنى الرجل أو المرأة للزي الإسلامي ليس نابعًا من مزاج إنما هو موقف... يراه البعض شاذًا مستنكرًا وجديرًا بالمحاربة ويراه أصحابه الموقف السليم الوحيد الذي ينبغي محاربة غيره واستئصاله. اهـ.وكأن العبقري الفذ الذي يقول: أهلًا وسهلًا ومرحبًا بطاعة بيوت الأزياء الصهيونية الفاجرة ولا مرحبًا بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.يريد أن يذكرنا بمسلكه الوخيم هذا بمن قال فيه الله تبارك وتعالى: {أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلًا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلًا} الفرقان (43، 44).وقوله عز وجل: {وإذا ذكر الله وحده أشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون} الزمر (45).ثم يحاول ذلك الشيطان الإنسي أن يبث بذور الفرقة والعداوة ويوطد دعائم الحواجز النفسية الحاقدة بين المحجبة وغير المحجبة حتى لا تتأثر الأخيرة بدعوة الأولى لها إلى الحجاب يومًا ما فيقول: إنه يكاد يكون من المؤكد أنه ما من امرأة محجبة تجلس إلى غير محجبة إلا ونظرت كل منهما إلى الأخرى نظرة الارتياب هذه في استنكار وتحفز وتلك في حيرة وتساؤل كما أنه من الصعب أن نتخيل قيام علاقة عادية بين الاثنين. اهـ.ثم يدعي أنه قابل منذ أيام عاملًا ميكانيكيًا بسيطًا ومرت بهم امرأة محجبة وينسب إلى ذلك الميكانيكي الملهم... الأديب... تعليقه على منظرها قائلًا في امتعاض:أنا لست ضد الدين وأنا وامرأتي نصلي ونصوم ولله الحمد ولكن هذا الشيء (423) من ديننا في شيء هؤلاء. (424) لاحظ استخدامه لكلمة هؤلاء في معرض الحديث عن واحدة- قوم يبغضوننا ويتربصون بنا وينتظرون أن تكون لهم الغلبة حتى يخسفوا بنا الأرض- أنا لست ضد الحجاب في حد ذاته.. فليتحجب من شاء.. ولكني ضد ما يخفيه هذا الحجاب من مشاعر سوداء.... تسألني ماذا لقيت منهن؟ لم ألق منهن شيئًا ولكني أحس إحساسًا قويًا بما تشعر به نحوي وهي تنظر إليَّ وأعرف ما تهددني به إننا نتركهن يرتدين ما يردن ويتصرفن كما يحلو لهن ولكن أتظن متى وصلت جماعتهن إلى السلطة يتركننا نلبس ما نشاء ونتصرف كما نريد؟.ثم يمضي الكاتب ينفث سمومه السوداء وأحقاده الدفينة قائلًا: وقد هالني أن أرى الشبه الشديد بين موقفه هذا من المرأة المحجبة وموقف الرومان خلال القرون الثلاثة الأولى بعد مولد المسيح من المسيحيين في الإمبراطورية لقد كان يسود الإمبراطورية خلال تلك القرون تسامح ديني نادرًا ما عرف العالم نظيرًا له غير أنهم استثنوا المسيحيين من هذا التسامح وكان هذا الاستثناء راجعًا إلى مخالفة المسيحيين لهم في العقيدة إنما إلى عداء المسيحية لكل من عاداها من عقائد مما دفع الرومان إلى تسمية أتباعهم بأعداء الجنس البشري، كانت روح المسيحية خطرًا على تقاليد المجتمع الروماني وأسسه ومع ذلك فقد كانت كراهية عامة الشعب للمسيحيين أقوى منها عند الأباطرة والسلطات فالجمهور قد أزعجه أن يرى أتباع هذا الذين يكرهون آلهتهم ويصلون من أجل نهاية العالم ويفرحون متى لحقت الهزيمة بجيوش الإمبراطورية وكانت العامة تنسب الكوارث التي تحل بها كالفيضانات والمجاعات والحرائق إلى ما يمارسه المسيحيون من سحر أسود وكانت تدرك أن المسيحيين يبغضون كافة مظاهر الحضارة التي يعيشون في ظلها وأنهم إن تمت لهم الغلبة فسيسحقون أنظمة الدولة وآلهتها ولن يبدوا تجاه الأديان المخالفة ذلك التسامح الذي يطالبون به لأنفسهم فاستثناؤهم إذن من تطبيق مبدأ التسامح الديني إنما كان لحماية مبدأ التسامح الديني. اهـ.يتضح من هذا أن الكاتب يحاول أن يقيم أدلة على أن الشبه شديد بين موقف الميكانيكي من المحجبات وبين موقف الرومان من المسيحيين ويلزم من قياسه أن يرمي المسلمين في واقعنا زورًا بأنهم أعداء الجنس البشري وأنهم يصلون من أجل نهاية العالم وأنهم يبغضون كافة مظاهر الحضارة التي يعيشون في ظلها.وذلك كله كي يصل إلى نتيجة وهي: أنه يجب على الحكومات استثناء المسلمين من مبدأ التسامح تمامًا كما فعل الرومان مع المسيحيين وقياسه هذا باطل من أوجه عديدة لا تخفى على المخلصين لدينهم المؤمنين بأن الحق واحد لا يتعدد وبأن هؤلاء النصارى إن كانوا على دين الحق الذي بعث الله به عيسى عليه السلام وهو دين الإسلام الذي أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه التي منها الإنجيل فإنما هم مسلمون موحدون مؤمنون يحررون ولائهم لله سبحانه وتعالى وحده ويتبعون رسولهم المسيح عليه السلام ويصبرون على أذى الرومان ابتغاء وجه الله ونصرة لدينه الحنيف فعداوة الإسلام لما عداه من العقائد الكفرية أمر لا ينكره إلا من لا حظ له في الإسلام قال تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم} البقرة (256).فالعروة الوثقى هي كلمة لا إله إلا الله المتضمنة لإفراد الله سبحانه وحده باستحقاق العبادة والكفر بكل طاغوت يعبد من دون الله عز وجل.. وهذا هو جوهر الإسلام ولبه، فأين أنت منه يا صاحب القياس؟ثم يستطرد ذلك الشيطان قائلًا:أعود فأقول إن ما يدفع البعض إلى اعتبار المرأة المحجبة امرأة غير عادية هو أن الزي الذي تبنته يفصح عن موقف عقلي غير عادي وعن مفاهيم وقيم يراها الآخرون غير عادية فخلاصة اعتقاد مثل هذه المرأة هي: أن النظر سهم من سهام إبليس مسموم ولا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة ولا المرأة إلى الرجل حيث إن قصدها منه كقصده منها، فالمرأة كلها عورة إلا وجهها ويديها.. والكشف عن غير الوجه والكفين مدعاة للافتتان فإن كانت المرأة جميلة الوجه وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك.. إلى آخره مما نقلناه من تفسيرات القرطبي فالمرأة التي تعتقد مثل هذا في أيامنا هذه حين أصبح بالإمكان أن يجلس الرجل إلى المرأة دون أن تخطر ببال أيهما فكرة جنسية والتي ترفض أن تصافح الرجل بيد عارية خشية أن تثور لدى أيهما إحساسات جنسية محرمة والتي تشغل بالها مشكلة ما إذا كان ظاهر قدمها سيثير عند الرجل في الطريق رغبات حيوانية امرأة غير عادية.وتمامًا كما قال: مناحم بيجن في إذاعة فلسطين المغتصبة: لقد سمعت اعتراضات كثيرة في أمريكا ضد حملة السادات على المتعصبين المتطرفين الذين يريدون العودة إلى تطبيق قوانين العصور الوسطى بل العصور الحجرية وقد سمعت اعتراضات كثيرة هناك ضد هذه الحملة باعتبارها تتعارض مع التقاليد الديموقراطية ولكنني دافعت عن إجراءات السادات بحرارة وأقنعت المعترضين بأنه يجب عليهم أن يتناسوا التقاليد الديموقراطية حين يتعلق الأمر بالمسلمين. اهـ. باختصار نقلًا عن صحيفة القبس الكويتية عدد رقم 3382 تاريخ 12/ 10/ 1981م.ثم ذكر فوق هذه التعبيرات الساخرة عبارات فاحشة ننزه قلمنا وأسماع إخواننا عن تسطيرها بل لم يكتف- أخزاه الله- بهذا بل ها هو يصف المحجبات بالكبت بدل أن يصف فعلهن بالتعفف والامتثال لأوامر رب العالمين بل تصل الجرأة وسوء الأدب أقصاهما حين يصف معنى الحجاب الوارد في قوله تعالى: {وإذا سألتموهن متاعًا فسألوهن من وراء حجاب} الأحزاب (53) بأنه معنى ضيق ثم يمضي فيتهم المحجبات العفيفات المحصنات- بارك الله فيهن- بأنهن لا يفكرن إلا فيما سماه الجنس وأنها- أي المحجبة- ترتدي الحجاب ليقيها من هذه المثيرات التي تسببت من قبل في إحداث تهيج شديد عندها لم يكن لها طاقة به.. بمعنى أنها قبل أن ترتدي الحجاب قد تأثرت بهذه المثيرات التي أحدثت لها هذا التهيج الجنسي الذي استجابت له ولم تستطع مقاومته.... اهـ.إلى هذا الحد يطعن هذا الفاجر في سلوك المحجبات نسأل الله أن يجعله هو وأمثاله من أعداء الدين عبرة لمن يعتبر وأن يحبط كيدهم ويرده في نحورهم وأن يشغلهم بأنفسهم عن أهل محبته وطاعته وأن يجعل تدبيرهم في تدميرهم إنه سميع مجيب.ثم يتحدى مشاعر المسلمين جميعًا قبل المسلمات بقوله: ولو كانت مرتديات الحجاب صريحات مع أنفسهن لاعترفن في النهاية بأن سبب ارتدائهن له هو تعرضهن لاختبار صعب أو موقف صعب لم تكن لهن به طاقة. اهـ.ثم يشير إلى أن هدف المتمردين على التقاليد هو أن يشد بعضهم من أزر بعض حتى أصبح مجرد سيرهم في الطريق ورؤيتهم فيه لأمثالهم يشعرهم بأنهم ليسوا وحدهم في خضم الصراع فإذا بإرادتهم الاستمرار في المقاومة تثبت وإذا ثابتهم يدفع غيرهم إلى التشبه بهم فيكثرون وإذا الكثرة تبهجهم فيشجعون والحجاب في مجتمعنا يؤدي الغرض نفسه. اهـ.
|